النسب
نسب الجراوين
الأنساب ليست موضعاً للتسلية يعبث بها من شاء وكما يشاء ويغيرها متى شاء؛ فهي شأن عظيم وأمرها خطير، فمن انتسب لغير أبيه يبغي بها العزة والكرامة، إذله الله. يقول رب العزة: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ ) الأحزاب: ٥ وقال تعإلى أيضا (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب: ٥ وقال عليه الصلاة والسلام:” من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أباه فالجنة عليه حرام “و”.. ليس من رجل ادّعِىّ لغير أبيه وهو يعلمه، إلا كفر بما أنزل على محمد، ومن ادّعىّ قوماً ليس فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار..” وعليه؛ فإن التلاعب بالأنساب وتغييرها لكسب مصالح دنيويه أو معنوية أو شهرة أو مفاخرة بين الناس لايصح عقديًا وشرعيًا فضلاً عن أن يكون أمرًا شائنًا مشينًا أخلاقيًا واجتماعيًا، فهو أمر محرم وكما ورد بالدليل الشرعيّ القاطع.
إلا أنه وبقراءة التاريخ الاجتماعي والعشائري للأجداد، نرى أن هناك ظروفًا وأوضاعًا اجتماعية اقتضتها ظروف الحياة القاسية آنذاك وفُرضِت على مجموعة غير قليلة من العائلات التي رضخت لصعوبة تلك الظروف لسوء معيشتهم وحياتهم في ذاك الزمان، وعليه فإن من نافلة القول في هذا السياق أن نذكر أن كثيرا من العائلات والعشائر التي كانت قد انقطعت بهم السبل، أو ضيعوا نسبهم لأسباب وظروف منها قضايا الدم والشرف والهجرة والجلوة و الدخالة، أو لأي سبب كانت قد التحقت تحت عشائر أخرى وحملت اسمها لحماية نفسها من مخاطر الغزو، كل هذا حصل في زمن كانت فيه القبليّة العشائرية ذات سيادة وحكم معترف بها عند العشائر البدوية على امتداد البلاد العربية ( ).
اما بخصوص نسب الجراوين فهم أبناء سالم وأخيه سليمان أبناء علي بن عليان بن خلف بن جروان بن مناع بن حسين بن حبلان (من غشوم الحبلان) من قبيلة عنزة الوائلية العدنانية، ويذكر ان أبناء سالم الجروان الذين من صلبه هم عشيرة أبو غليون ( الغلاينة ، العوايضة ، الجلالدة ) وعشيرة أبو يحيى (حيان) أما أبن أخيه سليمان الجروان الذي عقب قاسم وتنسب إلى أبنائه عشيرة أبو صعيليك ( الصعالكة والسراحين والزوايدة)، وهذا النص يتوافق مع روايات شيوخ الجراوين ووجهائهم والمهتمين بالأنساب ( ) .
من جانب اخر يشار إلى أنه كان هناك تباين واختلاف في وجهات النظر ما بين عارف العارف قائم مقام بئر السبع، والمُعيّن من قبل حكومة الانتداب البريطاني، والشيخ سليمان أبو غليون شيخ عشيرة الجراوين قبل تقسيمها، إذ انعكس هذا الاختلاف على كتب عارف العارف لأنه لم يراعِ الموضوعية والأمانة العلمية في ذكره لنسب الجراوين وغيرهم من العشائر، وذلك من خلال اعتماده على الروايات التي ذكرها الآخرين عنهم، والجدير بالذكر أن معظم المؤرخين قد اقتبسوا روايات النسب وغيرها من الاحداث التي تتعلق بالجراوين عموماً وعشيرة أبو غليون خصوصاً عن عارف العارف، ومنهم عمر كحاله، ومصطفى مراد الدباغ، وغيرهم من المؤرخين وخاصة في كتاب ( تاريخ بير السبع وقبائلها ) وكتاب ( القضاء بين البدو)، ويذكر أن الشيخ سليمان أبو غليون درس في اسطنبول، وعُيّن بوظيفة مستنطق (مدعي عام) في السرايا أبّان الحكم العثماني، وعليه فإن ولاءه الأسبق للباب العالي جعله في موقع اختلاف بالضروره مع عارف العارف الذي ولاءه كان للانجليز الذين قاموا بتعيينه قائمقام لبئر السبع، هذا إضافة إلى أن عدد شيوخ بادية فلسطين المتعلمين آنذاك قليل وبذلك فهم ليسوا محل ود ومحبة من قبل عارف العارف .
من جانب آخر جرت أحاديث عديدة من خلال الهاتف بين النسّاب محمد سلمان جراد أبو غليون والشيخ طراد ابن جروان أبو مناحي كبير الجروان والغشوم في الكويت حيث أجاب الشيخ بكل وضوح وشفافية وبالنصّ: ” اينعم يا بناخي حنا ما ننكركم . . وحنا ندري ونعرف إن لنا رجل غرّب على بلاد الشام اسمه سالم، وبعدين عرفنا أنه سكن في بادية فلسطين وعياله يسموهم الجراوين ، وهم ناس غانمين وأجواد الله محيكم يا بناخي ” وعند عرض شجرة العائلة وعدّ الجدود تطابقت والتقينا معهم في جروان بن مناع بن حسين (الغشوم ) بن حبلان العنزي في الجد الحادي عشر ، يذكر أن جروان له إثنان من الأبناء هم خلف ومحمد ، فمن عيال خلف بن جروان عليان ومن عيال عليان علي ومن عيال علي سالم وسليمان وهما جد الجراوين الذي نزل بفلسطين قبل نحو مئتين وستين عاماً، ومعه ابن أخيه قاسم بن سليمان بن علي بن عليان بن خلف بن جروان، وسواء اقروا او لم يقروا، فإن الجراوين الذين يسكنون اليوم في الكويت هم أبناء عمومتنا من جهة عيال محمد بن جروان بن مناع بن حسين بن حبلان العنزي، وكذلك فإن الجراوين الذين هم في العراق سكان منطقة النخيب والهباريه على نهر الفرات، هم من أبناء عمومتنا أيضا من أبناء سيف شقيق سالم وسليمان، من جانب آخر أقسم بالله العظيم ان الشيخ طالب المنيشير الجروان حدثني مرات عدة أن والده رحمة الله عليه قد أعلمه مراراً (ان الجراوين الذين بديرة فلسطين هم أقرب الناس لنا وهم أبناء عمومتنا)، وكان ذلك قبل عشرات السنوات من وفاته ، وأختم بالقول مؤكداً أن عدد الجدود الـ (11) ليس من باب الصدفه وأؤكد أيضاً أن عدد الجراوين الذين هم من صلب سالم الجروان لا يزيد عن (8) آلاف رجل وليس كما ذكره الآخرين بان عددهم (100) أو (150) ألف رجل ، ونختم بقول المتنبي:
وليس يصح في الإذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل !