الجراوين والترابين

بقلم : عايد محمد مريزيق أبو صعيليك

 لقد كانت عشائر الجراوين مكون أساسي من صف الترابين في الماضي ، وأقول صف الترابين وليس قبيلة الترابين ، حيث ان التسمية في فلسطين تختلف عنها في المملكة الأردنية الهاشمية ، ففي فلسطين يستعملون مصطلح ( صف ، وهذا الصف (الحلف ) يتكون من مجموعة من القبائل والعشائر وليس بالضروره ان يجمع بينهم النسب والدم  ، اذ لربما جمعتهم مصلحة معينة مثل الدفاع عن أنفسهم أمام غزوات الأعداء أو الإرتزاق والتكسب من خلال غزوهم للآخرين ، أو أي مصلحة تتحقق لهم نتيجة تجمعهم وتحالفهم هذا . 

كان في بادية بئر السبع وحتى أواخر عصر الدولة العثمانية أربعة صفوف عشائرية (تجمعات) وهي صف الترابين و صف التياها وصف العزازمة و صف الجبارات .

ومن الجدير ذكره  ان صف الجبارات هو الذي كان يسيطر على جنوب فلسطين ، ولكن بعد ان  ارتحل الترابين و التياها والعزازمة من شبه جزيرة سيناء كونوا صف تحت مسمى أكبر تجمع هو صف الترابين ، وعندما زادت اعدادهم وضاقت عليهم الأراضي والمراعي وأماكن تواجد المياه ، بدأت تظهر العداوة فيما بينهم الامر الذي ادى الى إنشقاق صف الترابين إلى صفين هما صف للترابين وصف للتياها ، وبعد مرور فترة من الزمن حدث إنشقاق آخر داخل صف الترابين نتج عنه صف للترابين وصف للعزازمة ، كل ذلك حدث ابان الحكم العثماني والذي تميز في أواخره باختلال الأمن وعدم سيطرة الدولة على البلاد وفقدان هيبتها وانتشار الظلم والفساد والسرقة وقطاع الطرق وفرض الآتاوات ، مما استدعى إلى تكوين هذه التحالفات أو الصفوف بين الناس ، وعليه نرى ان الاوضاع المشار اليها انفا املت على الجراوين بالضرورة ان يتحالفوا مع قبيلة الترابين وقبائل وعشائر أخرى في صف سمي باسم صف الترابين لأنهم يمثلوا الأكثريه فيه ، علما أن الجراوين ليسوا من الترابين ولا يمتون لهم بصلة دم .

           وعليه أرى أنه لو طالت فترة حكم الدولة العثمانية ربما لحدث إنشقاق آخر داخل صف الترابين نتج عنه صفا للترابين وصفا آخر للجراوين ، لكن قيام الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية مع حلفائها ألمانيا والنمسا أنهى سيطرة العثمانيين وحل محلهم الإنكليز الذين إستتب بهم الأمن وتحسنت الأحوال المعيشية للناس في عهدهم، وبالتالي وعندما كان الجراوين ضمن صف الترابين شاركوهم في حروبهم وغزوانهم ودافعوا عنهم، وأغلب الحروب والغزوات التي خاضها صف الترابين كان لفرسان الجراوين صولة فيها إذ  شكّل الجراوين مكوناً  أساسياً من مكونات صف الترابين .  

               ينقسم صف الترابين إلى  قسمين هما غوالي بقيادة أبو ستة و نجمات بقيادة الصوفي وكان الجراوين يتبعون للنجمات، حيث يصنفون نجمات أبو غليون ونجمات أبو يحيى ونجمات أبو صعيليك، وكان أول شيخ للجراوين هو الشيخ سلامه علي أبو غليون الذي استطاع فصل الجراوين عن نجمات الصوفي في مشيخة مستقلة عام 1885 بموافقة الوالي التركي رؤوف باشا، وبعد رحيل الدولة العثمانية ومجيء الإنكليز تفرع الجراوين إلى ثلاث عشائر هي :-

ـ عشيرة أبو غليون وشيخها سليمان غيث سلامه أبو غليون .

ـ عشيرة أبويحيى وشيخها محمد أفندي أبو يحيى .

ـ عشيرة أبو صعيليك وشيخها منصور عيد صعيليك أبو صعيليك .

وبعد أن تم تهجير أهالي فلسطين التاريخية وتشتيت الفلسطينيين في مختلف أصقاع العالم، هاجر الجراوين إلى الأردن في حين هاجر معظم أبناء قبيلة الترابين الى قطاع غزة وجمهورية مصر العربية ( سيناء )، وعليه وبما أن الجراوين في الأردن يشكلون أغلبية  مكونات صف الترابين ونظراً لوجود مكتسبات تمنحها الدولة على أسس قبلية على ضوء ما ورد في كتاب عارف العارف، فانني أرى أن من حق الجراوين أن يطالبوا بتسميتهم باسمهم وليس باسم حلف كانوا ينتسبون إليه في ظل تحالفات أملتها الحاجه في الأيام الغابرة وفي عكس ذلك  وبما أنهم هم الورثة الفعليين لصف الترابين على الأراضي الأردنية ويمثلون الأكثرية لبقايا الصف في الأردن فإن من الإنصاف أن يكونوا هم الممثلين له وأن يحصلوا على المكتسبات المستحقة.